تمكن طلبة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس من تحقيق مكاسب تاريخية بعد أعوام من النضال المستميت والإيمان الراسخ بعدالة مطالبهم ومشروعيتها. هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الحوار الجاد والمسؤول الذي أداره ببراعة مسؤولو الجامعة، وعلى رأسهم رئاسة الجامعة وعمداء الكليات ذات الاستقطاب المفتوح، الذين لعبوا دوراً محورياً في التحسيس بمعاناة الطلبة والعمل على تجاوز العراقيل التي تحول دون توفير الظروف المناسبة للتحصيل العلمي. هذا الحوار أتى في ظرفية حرجة تمكن فيها من نزع فتيل التوتر الذي كاد يعصف بالامتحانات الخريفية التي كان عشرات الآلاف من الطلبة سيقاطعونها، ليضع بذلك أساساً جديداً لعلاقة قائمة على الثقة المتبادلة بين مكونات الجامعة وطلبتها، وهو ما يعزز السلم الاجتماعي داخل المؤسسة ويدفع الطلبة إلى مضاعفة جهودهم في الدراسة والتحصيل.
في هذا السياق، انعقد يوم الاثنين 13 يناير 2025 بمركز الدراسات في الدكتوراه بفاس لقاء هام استمر من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى منتصف الليل، بحضور نائب رئيس الجامعة، عمداء الكليات ذات الاستقطاب المفتوح، مديري الأحياء الجامعية، المهندس المسؤول عن النقل الحضري بجماعة فاس، ممثل عن ولاية جهة فاس مكناس، وأحد عشر طالباً ممثلين عن الطلبة. تناول اللقاء نقاشاً معمقاً حول محاور أساسية تتعلق بالنقل الجامعي، المطاعم الجامعية، السكن الجامعي، المنح، الشق البيداغوجي، والبنية التحتية.
على صعيد النقل الجامعي، تم الاتفاق على تعزيز الخطوط خلال فترة الامتحانات، وإحداث خطوط مباشرة تربط الأحياء السكنية الرئيسية بالمركبين الجامعيين سايس وظهر المهراز باستخدام حافلات عالية الجودة. كما تم اقتراح تخفيض تسعيرة الاشتراك الشهري للطلبة، وإشراكهم في إعادة توزيع الخطوط. إضافة إلى ذلك، تقرر عقد اجتماع في فبراير بين مكتب الدراسات لمشروع النقل وممثلي الطلبة لمتابعة هذا الملف. وشمل النقاش أيضاً تحسين ولوجيات ذوي الاحتياجات الخاصة وتوسيع شبكة النقل لتشمل الحي الجامعي الجديد.
فيما يتعلق بالمطاعم الجامعية، أعلن مدراء الأحياء الجامعية عن بدء بناء مطعم جديد بمركب ظهر المهراز بتكلفة 20 مليون درهم، مع نشر لوائح تضم أكثر من 2000 بطاقة استفادة للطلبة، وتمديد فترة التسجيل بالمطعم الجامعي سايس لتيسير العملية.
على مستوى السكن الجامعي، تقرر افتتاح حي جامعي جديد بالقرب من المركز الاستشفائي الجامعي الموسم المقبل، مع تخصيص 6 ملايين درهم لإعادة تهيئة الحي الجامعي ظهر المهراز بدءاً من يوليوز، وإنشاء حي جامعي جديد بفاس بكلفة 11 مليون درهم. كما اتُفق على عقد لقاء في مايو لمناقشة توسعة الحي الجامعي وبناء مكتبة أو قاعة مطالعة داخله.
في ملف المنح، سيتم فتح فترة جديدة لحجز المواعيد يوم الأربعاء، مع العمل على توزيع بطاقات “بريد بنك” مباشرة في الكليات ابتداءً من الموسم المقبل.
على الصعيد البيداغوجي، نص الاتفاق على توفير مطبوعات الأعمال التطبيقية داخل القاعات مجاناً، مع إعطاء الأولوية للطلبة ذوي الوضعيات الخاصة. كما تمت مناقشة إمكانية تقديم بحوث نهاية التكوين في الإجازة بصيغة إلكترونية بموافقة الأستاذ المشرف. وأكد المشاركون ضرورة احترام الشروط الواردة في الملفات الوصفية لوحدات المهارات الحياتية، مع تعزيز تعلم اللغات عبر منصة “Rosetta Stone”. أما بخصوص إعادة التسجيل في الشعب والوحدات، فقد تقرر عرض هذا الموضوع على هياكل الجامعة المختصة.
أما البنية التحتية، فقد انطلقت أشغال بناء مقصف جديد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، إلى جانب توسعة مقصف كلية العلوم وتهيئة فضاء مغطى في المركب الجامعي ظهر المهراز. من المتوقع إتمام أشغال خيمة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في غضون ثلاثة أشهر، وفتح ملعب كلية الشريعة مع بداية الدورة الربيعية. كما تمت مناقشة تحسين البنية التحتية لكلية الشريعة بتكلفة مالية بلغت 2 مليون درهم، وتعزيز تجهيزات استوديو الإعلام والتواصل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس. وتم الإعلان عن توفير قاعات مخصصة للأنشطة الثقافية والفنية في مختلف الكليات، إلى جانب سيارة إسعاف تتمركز بكلية الطب.
خلال حلقة تقريرية انعقدت يوم الخميس 16 يناير 2025 بساحة كلية الآداب ظهر المهراز، عبّر المئات من الطلبة عن تثمينهم لمخرجات هذا الحوار، واعتبروه نصراً ومكسباً لهم. وصوتوا بالإجماع لصالح الاتفاق، داعين إلى تعليق المقاطعة والاستعداد الجيد لامتحانات الدورة الخريفية. كما دعوا إلى الالتفاف حول الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لضمان مواكبة تنزيل هذه الوعود التي بدأت فعلاً تظهر بوادر تنفيذها على أرض الواقع، مما يعزز مناخ الثقة المتبادلة بين رئاسة الجامعة وطلبتها.
هشام التواتي