
بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، نتقدم بأحر التهاني والتبريكات لكل المسرحيين، من ممثلين، ومخرجين، وكتاب، وتقنيين، وجميع العاملين في هذا الفن الراقي.
إن المسرح بصفته مرآة المجتمع ومنبر الإبداع، يظل صوتًا للحقيقة وجسرًا للتواصل بين الثقافات والشعوب. فهو ليس مجرد خشبة وأضواء، بل حياة تتجسد على الركح، تنقل القضايا، وتبعث الأمل، وتثير الفكر.
تحية تقدير لكل من يحمل شعلة المسرح، ويبدع في رسم البهجة، ويثير التساؤلات، ويغذي الوعي الجماعي. دمتم سفراء للجمال والفن، ودام المسرح شعلة لا تنطفئ وكل عام وأنتم بخير، وكل عام والمسرح مزدهر
بأي حال عدت يا عيد؟؟؟؟…..
يحتفل العالم في 27 مارس من كل عام باليوم العالمي للمسرح، وهي مناسبة تسلط الضوء على أهمية هذا الفن في تعزيز الحوار الثقافي والتفاهم بين الشعوب. في عام 2025، كُلّف المخرج المسرحي اليوناني ثيودوروس تيرزوبولوس بكتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح.
تتناول رسالة تيرزوبولوس تساؤلات جوهرية حول قدرة المسرح على الاستجابة للتحديات المعاصرة، مثل الفقر، العزلة الاجتماعية، التحول الرقمي، والتدهور البيئي. يدعو تيرزوبولوس المسرح إلى أن يكون مختبرًا للتعايش بين الاختلافات، دون تجاهل الجراح النازفة، وأن يسهم في معالجة القضايا البيئية والاجتماعية التي تواجه عالمنا اليوم.
في المغرب، وتحديدًا في مسرح محمد الخامس بالرباط، تنظم وزارة الشباب والثقافة والتواصل احتفالًا رسميًا باليوم العالمي للمسرح يوم الجمعة 28 مارس 2025. يتضمن البرنامج توقيع كتاب “رهانات الإخراج المسرحي بالمغرب”
هل يستطيع المسرح أن يصغي إلى نداء الاستغاثة الذي تطلقه أزمنتنا، في عالم يجد فيه المواطنون أنفسهم مفقرين، محبوسين داخل زنازين الواقع الافتراضي، منغلقين على ذواتهم في عزلة خانقة؟ في عالم يتحول فيه البشر إلى روبوتات، تحت وطأة نظام شمولي يقوم على السيطرة عن طريق الرقابة والقمع، باسطًا ظله على كل جانب من جوانب الحياة؟
هل يكترث المسرح للدمار البيئي، للاحتباس الحراري، للفقدان الهائل للتنوع البيولوجي، لتلوث المحيطات، لذوبان القمم الجليدية، لزيادة حرائق الغابات والظواهر المناخية المتطرفة؟ هل يمكن للمسرح أن يصبح طرفا فاعلا في النظام البيئي؟ لقد راقب المسرح تأثير الإنسان على الكوكب لسنوات طويلة لكنه يجد صعوبة في التعامل مع هذه الازمة.
هل يشعر المسرح بالقلق إزاء الوضع الإنساني كما يتشكل في القرن الحادي والعشرين، حيث يصبح المواطن لعبة تحركها المصالح السياسية والاقتصادية، وشبكات الإعلام وشركات صناعة الرأي العام؟ حيث تتحول وسائل التواصل الاجتماعي، رغم دورها الكبير في تسهيل التواصل، إلى ذريعة قوية للابتعاد، فهي تمنحنا مسافة الأمان المطلوبة بيننا وبين الآخر؟ إن شعور الخوف من الآخر، المختلف، الغريب، يسيطر على أفكارنا ويوجه أفعالنا.
هل يمكن أن يصبح المسرح مختبرا للتعايش بين الاختلافات دون أن يتجاهل الجراح النازفة؟
إن الجراح النازفة تدعونا إلى إعادة بناء الأسطورة. وكما قال هاينر مولر: “الأسطورة هي التراكم، آلة يمكن دائما ربط آلات جديدة ومختلفة بها. إنها تنقل الطاقة حتى يصل التسارع المتزايد إلى تفجير دائرة الحضارة” وأضيف إلى ذلك، دائرة الوحشية.
هل يمكن لأضواء المسرح أن تسلط الضوء على الجراح الاجتماعية، بدلا من تسليط الضوء على المسرح بشكل مضلل؟
إنها أسئلة لا تقبل إجابات نهائية، لأن المسرح يستمر في الوجود بفضل الأسئلة التي تظل بلا إجابة.
أسئلة أثارها ديونيسوس، وهو يعبر مكان مولده، أوركسترا المسرح الإغريقي القديم، ليواصل رحلته الصامتة كلاجئ عبر مشاهد الحروب، اليوم، في اليوم العالمي للمسرح.
لننظر في عيني ديونيسوس، إله المسرح والأسطورة المنتشي، الذي يوحد الماضي والحاضر والمستقبل معًا، ابن الولادتين، ابن زيوس وسيميلي، رمز الهويات المرنة، الأنثوية والذكورية، الغاضبة والوديعة، الإلهية والحيوانية، المتأرجح على حافة الجنون والعقل، بين النظام والفوضى، بهلوان راقص على الخط الفاصل بين الحياة والموت. يطرح ديونيسوس السؤال الوجودي الجوهري: “ما معنى كل هذا؟” سؤال يدفع المبدع نحو بحث أعمق في جذور الأسطورة وأبعاد اللغز الإنساني المتعددة.
نحن في حاجة إلى أساليب سردية جديدة، تهدف إلى إحياء الذاكرة وصياغة مسؤولية أخلاقية وسياسية جديدة، للخروج من الديكتاتورية متعددة الأوجه لعصور الظلمات الحديثة.
متابعة يحي هورير