قراءة في ازمة الوعي السياسي حين يحاسب المنفد ويعفى صاحب القرار

ابراهيم
أحداثالوطنيةقضايا عامة
ابراهيم29 سبتمبر 2025آخر تحديث : منذ 13 ساعة
قراءة في ازمة الوعي السياسي حين يحاسب المنفد ويعفى صاحب القرار

في كل لحظة توتر اجتماعي أو احتجاج شعبي، تتكرر مشاهد الاصطدام بين المواطنين والعناصر الأمنية، وتُعاد سردية اللوم على من يوجد في الميدان، لكن خلف هذه الصورة المتكررة تختبئ أزمة أعمق تتعلق بالوعي السياسي العام، من يُحاسَب؟ ومن يُعفى؟ هذا المقال لا يبرّر التجاوزات بل يسعى إلى تفكيك المفارقة التي تجعل المنفذ في مرمى الاتهام، بينما يبقى صاحب القرار بمنأى عن المساءلة، إنها دعوة لإعادة ترتيب مفاهيم المسؤولية وتوجيه الغضب نحو من يملكون سلطة القرار لا من يُنفّذونه.

في خضم كل أزمة اجتماعية أو احتجاج شعبي، تتجه الأنظار سريعًا نحو العناصر الأمنية، رجال الأمن، القوات المساعدة، وكل من يرتدي زيًّا رسميًا أو مدنيًا في الميدان، يُحمّلون اللوم وتُوجّه إليهم الاتهامات وكأنهم هم من رسموا السياسات أو قرروا مصير الناس، لكن الحقيقة التي ربما يغفل او يحتمل يتغافل عنها الكثيرون هي أن هؤلاء ليسوا سوى جهاز أمني تنفيذي يُنفّذ التعليمات ولا يصدرها، يخضع للأوامر ولا يملك سلطة الرفض.

هؤلاء الأشخاص هم من الشعب منهم إخوة، أبناء، جيران، أصدقاء، اقارب، جلهم نشأو في نفس الأحياء بهذا الوطن ، ويواجهون نفس التحديات اليومية هم وأسرهم، لا يملكون رفاهية الاعتراض، بل يؤدّون واجبًا وظيفيًا في منظومة أكبر منهم تُدار من فوق، من قبل من اختارهم الشعب لتدبير شؤون البلاد والعباد.

فاللوم الحقيقي لا يجب أن يُوجّه لمن يُنفّذ، بل إلى من انتُخبوا حاملين شعارات التغيير، والإصلاح، والعدالة الاجتماعية، إلى من يملكون أدوات التشريع والميزانية، ويُفترض أن يُوازنوا بين الأمن والحرية، بين النظام والحقوق، بين الحزم والإنصاف.

إن تحميل العناصر الأمنية مسؤولية السياسات الفاشلة هو تبسيط مخلّ، يُشتّت الغضب في الاتجاه الخطأ، ويُعفي من المساءلة من هم في موقع القرار، فالمطلوب ليس صراعًا بين أبناء الشعب، بل وعيًا جماعيًا يُعيد توجيه المطالب نحو من يملكون سلطة التغيير الحقيقي، والتفريق بين الجهات التي تُنفّذ الأمر، والجهات التي تصدره، فالإصلاح يجب ان يبدأ من مراكز القرار، ومن مساءلة من وُضعوا في مواقع المسؤولية،

وعلى المواطن أن يُدرك أن الوعي الانتخابي لا يكفي حين تكون صناديق الاقتراع قد أثبتت محدوديتها، وأن التغيير الحقيقي لا يأتي الا بمحاسبة ومساءلة البنى العميقة التي تدير البلاد من خلف الستار وتوجه السياسات دون ان تنتخب او تحاسب ، ولهذا فإن توجيه الغضب نحو الاجهزة الامنية يشتت الوعي ويبقي جدور الازمة في مأمن من المساءلة.

المصطفى اخنيفس

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...
موافق