غادرت تسع سفن موانئ تونس، لا بحثًا عن مجد بحري، بل عن كرامة إنسانية تُحاصرها الأسلاك والأساطير. أسطول الصمود المغاربي يُبحر، لا ليُناور، بل ليُسائل. من تونس، من سيدي بوسعيد وقمرت وبنزرت، خرجت السفن تباعًا، كأنها تكتب بيانًا بحريًا ضد الحصار، ضد التجاهل، ضد موتٍ يُعاد تدويره في نشرات الأخبار.
لكن، هل تكفي السفن لتكسر الحصار؟ وهل يُسمع صوت المجداف حين تُغلق الآذان الدولية؟
أكثر من أربعين سفينة… هل تكفي لتُحرّك الضمير؟
أكثر من أربعين سفينة تجمعت في تونس، منها ثلاث وعشرون تمثل الأسطول المغاربي، أغلبها تونسية. مشهد يُشبه القصيدة حين تُكتب على صفحة البحر. لكن، هل يُقرأ هذا المشهد في عواصم القرار؟ أم أن غزة، كما العادة، تُترك لتُصارع وحدها؟
هل يُحرّك هذا الأسطول ماءً راكدًا في وجدان العالم؟ أم أن البحر سيظل أوسع من التضامن، وأضيق من العدالة؟
من تونس إلى غزة… هل يُبحر الأمل؟
السفينة التاسعة، “يامان/ياسر جرادي”، غادرت ليلة الاثنين، وعلى متنها نشطاء تونسيون وبلجيكيون. أسماء لا تُشبه الدبلوماسية، بل تُشبه الإنسان حين يُقرر أن لا يصمت. هل يُكتب لهذا الأسطول أن يصل؟ أم أن البحر سيُعيده كما أعاد غيره من قبل؟
هل يُسمح له بالعبور؟ أم أن الحصار لا يُكسر إلا حين يُكسر الصمت؟
غزة… حين تُحاصر الحياة
في غشت الماضي، أكدت تقارير دولية أن المجاعة تُهدد غزة، وأن الأمن الغذائي انهار. 428 ضحية، بينهم 146 طفلًا، بحسب وزارة الصحة في القطاع. هل يُبحر هذا الأسطول ليُذكّر العالم بأن الجوع ليس وجهة نظر؟ وأن الحصار ليس إجراءً إداريًا، بل جريمة مستمرة؟
هل تُصبح السفن مرآةً لضميرٍ عالميٍ غائب؟ أم أن البحر سيظل يكتب وحده، ويُحزن وحده، ويُقاوم وحده؟
.
بقلم/محمد فتاح