في خضم الجدل المتصاعد حول أداء مجلس جماعة أزرو، تتعالى الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي بشأن غيابات متكررة لبعض الأعضاء، وخروقات أخلاقية وإدارية يُقال إنها تهدد حسن سير العمل الجماعي، هذه النقاشات أعادت إلى الواجهة أهمية تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية، منها بالخصوص المواد 64، 67، و72، التي وُضعت لضمان الشفافية والمساءلة داخل المجالس المنتخبة.
المادة 67، على سبيل المثال، تنص بوضوح على إلزامية الحضور بالنسبة لأعضاء المجلس، وتقرّ بإقالة تلقائية لكل من يتغيب عن ثلاث دورات متتالية أو خمس متقطعة دون مبرر مقبول، كما تُلزم الجهات المعنية بتسجيل الحضور وإبلاغ السلطات الإقليمية خلال أجل لا يتعدى خمسة أيام، هذه الآلية تهدف إلى الحد من الإهمال الذي قد يعرقل السير العادي للمجلس ويؤثر سلبًا على التنمية المحلية لكنها تظل رهينة بمدى التزام الجهات المختصة بتفعيلها فعليًا.
من جهة أخرى، تتيح المادة 64 إمكانية التعامل مع التجاوزات الأخلاقية أو القانونية التي قد تصدر عن أعضاء المجلس أو حتى الرئيس نفسه، فهي تنص على ضرورة توجيه طلب إيضاحات كتابية خلال عشرة أيام، مع إمكانية إحالة الملف إلى المحكمة الإدارية للعزل إذا ثبتت المخالفة، كما تنص على إمكانية توقيف المهام مؤقتًا في الحالات المستعجلة خلال 48 ساعة، دون أن يُغني ذلك عن المتابعات القضائية عند الاقتضاء، ورغم أن هذه المادة توفر حماية ضرورية لمصالح الجماعة، إلا أن تفعيلها يتطلب توازنًا دقيقًا لتفادي أي استغلال سياسي أو إداري قد يُفرغها من مضمونها.
أما المادة 72، فتمنح لعامل العمالة أو الإقليم صلاحية حل المجلس إذا تبين أن استمراره يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح الجماعة، ورغم أن هذا الإجراء يُعد من أكثر التدابير تطرفًا، إلا أنه يظل قائمًا كخيار دستوري لاستعادة الاستقرار في حالات الانسداد أو الفوضى المؤسسية، غير أن غياب أي إعلان او تفاعل رسمي عن تفعيل هذه المادة، رغم تصاعد الشكاوى، يطرح تساؤلات حول مدى جدية السلطات في التعامل مع هذه الوضعية.
في ظل هذا الغموض يطرح سؤال جوهري من الاصوات المتعالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي : هل سيتم تفعيل هذه المواد في جماعة أزرو لمواجهة الشكاوى المتصاعدة ان صحت، خاصة فيما يتعلق بالإقالات أو العزل أو حتى حل للمجلس اذا لزم الامر ؟ أم أن هذه النصوص تبقى حبيسة الأوراق عاجزة عن مواجهة الضغوط السياسية أو الإدارية؟ فاستمرار هذا الوضع دون توضيحات رسمية من الجهات المعنية، وعلى رأسها مسؤولي إقليم إفران قد يؤدي إلى تآكل الثقة العامة في المؤسسات، ويغذي حالة من التبخيس واليأس لدى المواطنين.
إن الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في وجود نصوص قانونية متقدمة، بل في القدرة على تفعيلها بشفافية وتجرد بعيدًا عن التدخلات الخارجية أو المصالح الضيقة واحترام القانون بشكل متساوٍ للجميع لتعزيز الحوكمة المحلية وبناء مؤسسات قوية ومستقلة، لتعيد الاعتبار لثقة المواطن في العمل الجماعي، ويفتح آفاقًا لتطوير ترابي مستدام يعكس تطلعات الجميع.
المصطفى اخنيفس




