
في ظل ما شهده مجال الاعلام والصحافة خلال السنوات الأخيرة، من تغييرات ، حيث تم فتح المجال امام العديد من الأشخاص إلى عالم مهنة المتاعب دون امتلاكهم اي مهارات أساسية ، معتقدين أنهم صحافيون لمجرد نقلهم المباشرات عبر منصات التواصل الاجتماعي على صفحات تحمل أسماء مواقع صحفية إلكترونية ، هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يفتقرون إلى القدرة على القراءة والكتابة بشكل صحيح، ويعجزون حتى عن كتابة عناوين مناسبة لقصصهم ، مما يثير تساؤلات حول مصداقية هذه الممارسة الصحفية.
مع هذا الوضع وفي ظل التقدم التكنولوجي فتح بابًا آخر للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إعداد وصياغة المقالات الصحفية ، فتح هدا الاخير بابا آخر امام العديد من المحررين ، المدعين والمتباهين بأنهم صحافيون (مراسلون)، في الاعتماد على هذه الأدوات لإنجاز مهام التحرير بسرعة وبدون الحاجة إلى مهارات بشرية حقيقية ، وذلك نظرا للمساعدة والفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي ، مثل تسريع عمليات البحث وتوليد الأفكار ، غير مبالين أنه لا يمكن أن يُنظر إليه كحل شامل ، فالاعتماد المفرط على هذه الأدوات قد يؤدي إلى تراجع جودة العمل الصحفي بشكل عام ، مما يثير قلقًا حقيقيًا حول تأثير ذلك على الابتكار والتمحيص الصحفي.
في ظل الاقتحام المتزايد لأدوات الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي يظهر تساؤل مهم الا وهو : هل تسمح المؤسسات الإعلامية والاعلاميون المهنيون وكل من لهم صلة بهدا المجال لهذه الأدوات بأن تحل محل العقل البشري وتقلل من أهمية الإبداع الصحفي؟ ، فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في إعداد المقالات ، لكنه لا يمكنه استبدال المهارات الصحفية مثل الإبداع ، والتفكير النقدي ، والقدرة على فهم السياقات المعقدة ، ورغم أنه أداة قوية لتسريع عمليات البحث وتوليد الأفكار، يبقى الدور الأساسي للصحفيين او المراسلون المحترفون في الكتابة والتحرير .
من المهم أن يدرك الجميع أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الصحفي أو المراسل المحترف في التحرير ، فهو يعتبر مجرد أداة مساعدة تهدف إلى تسريع العمليات الصحفية ، فهناك فرق واضح بين النص الذي يُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي والنص الذي يتم تحريره بواسطة عقل بشري ، فالذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الحس الإنساني العميق، والقدرة على تفسير مشاعر الناس، وفهم السياقات الاجتماعية والثقافية المعقدة ، كما أنه يعجز عن إضافة اللمسة الإبداعية التي تميز المقالات الصحفية التي تثير القارئ وتحفز تفكيره.
ما يحدث الآن هو أن العديد من الأشخاص الذين ليس لديهم موهبة التحرير أو الخبرة الصحفية أو حتى مستوى تعليمي لكتابة جملة مفيدة، أصبحوا يعتمدون بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي في كتابة المقالات يرسلونها لمدير النشر الذي يتحمل عبئًا أكبر في مراجعتها والتأكد من صيغتها ومدى موافقتها مع الخط التحريري للجريدة ، في كثير من الأحيان، نطلع على محتوى مكتوب باستخدام هذه الأدوات دون أي تعديل أو مراجعة بشرية، مما قد يؤدي إلى ظهور مقالات تفتقر إلى الدقة الجمالية والتأثير الفعلي، ويقلل من مصداقية واحترافية الموقع.
في الختام ، يجب أن يدرك الجميع أن تبني الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة لتسريع العمليات الصحفية لا بأس به، لكنه لا يمكن أن يحل محل المهارات الإنسانية في الكتابة والتحرير ، فسيظل فكر وكتابة المحرر البشري هما من يوجهان عملية التحرير ، وذلك من خلال الموازنة بين التقنية واللمسة البشرية ، ومن هذا المنطلق يجب على المؤسسات الإعلامية والعناصر الإعلامية الحقة أن تسعى جاهدة لضمان أن تظل الصحافة قادرة على التأثير في المجتمع وتقديم محتوى يحترم الذوق العام ويعزز من مصداقيتها واحترافيتها.
المصطفى اخنيفس