
في خطوةٍ تربويةٍ رائدةٍ، تبوأت مدينة فاس مكانتها كحاضنةٍ لأول نموذج مصغر لمؤتمر الأمم المتحدة (UMN JMUN 2025)، الذي نظمته مجموعة مدارس “فاس سيتي” بشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس مكناس، تحت إشراف المديرية الإقليمية للتعليم بفاس. هذا الحدث الدولي، الذي امتدت فعالياته من 11 إلى 13 أبريل 2025، لم يكن مجرد محاكاةٍ أكاديميةٍ، بل تجسيداً عملياً لروح الدبلوماسية العالمية، وفرصةً فريدةً لصقل مهارات الشباب في الحوار والنقاش الدولي، تحت أنظار دبلوماسيين وخبراء دوليين.
أكدت هذه النسخة الأولى من المؤتمر على نجاح النموذج التكاملي بين التعليمين الخاص والعام، حيث شارك تلاميذ من مؤسسات تعليمية عمومية وخصوصية في نقاشاتٍ مستفيضةٍ حول قضايا دولية ملحة، مثل أزمة بورما في مجلس الأمن، ودور الأمم المتحدة في نزع السلاح، وأوضاع اللاجئين، والفجوات الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. هذا التناغم، كما أشار السيد محمد برزوق، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأولياء التلامذة، “دليل على تلاحم المدرسة المغربية في شقيها، وإثباتٌ أن التميز ليس حكراً على قطاع دون آخر”.
في كلمته الافتتاحية، عبّر السيد محسن مصلح، أحد مؤسسي مجموعة مدارس فاس سيتي، عن فخره بهذا المحفل الذي يجمع “عقولاً شابةً طموحةً تؤمن بالتغيير الإيجابي وقيمة الحوار”، مشيراً إلى أن المؤتمر ليس مجرد تقليدٍ للأدوار الدبلوماسية، بل خطوةً نحو تمكين المشاركين من مهارات القيادة والتفكير النقدي، وتهيئتهم ليكونوا “سفراء المستقبل”. من جانبه، أشاد السيد خالد ملهوني، ممثل الأكاديمية الجهوية، بالمبادرة كـ”نموذجٍ نوعيٍ يعزز المهارات والكفايات، المسايرة لمستجدات العصر”، داعياً إلى تعميم مثل هذه المبادرات التي ترسخ قيم التعاون والحوار.
كما جاء في كلمة ممثل عمدة فاس، فإن اختيار المدينة لاحتضان هذا الحدث “يعكس إرثها كقلبٍ نابضٍ بالعلم والثقافة، ورغبتها في أن تظل منصةً مفتوحةً للتبادل الفكري”. هذا المعنى أكده التلميذ مهدي سليمان، المشارك في المؤتمر، الذي وصف التجربة بأنها “فرصةٌ ثمينةٌ لفهم التعقيدات العالمية، وتطوير مهارات التفاوض”، معبراً عن امتنانه لمدرسته التي وفرت له هذه المساحة للإثراء المعرفي والإنساني.
إن عقد هذا المؤتمر في نسخته الأولى بمدينة فاس، تحت تنظيمٍ مدرسيٍ محكمٍ وبشراكةٍ مؤسساتيةٍ فاعلةٍ، يرسخ رسالةً واضحةً: أن المغرب قادرٌ على صناعة فضاءاتٍ تربويةٍ تنافسيةٍ، تخلق جيلاً واعياً بتحديات العولمة، ومتمكناً من أدوات التأثير الدولي. فتحيةً لمجموعة مدارس “فاس سيتي” على هذه المبادرة، وتحيةً لكل الأطراف التي جعلت من هذا المؤتمر منارةً للتعلم الذكي، وخطوةً أخرى نحو ترسيخ ثقافة الحوار والمواطنة العالمية.
هشام التواتي